18.09.08
أسئلة وأجوبة - الجزءالثالث | DR120003

إسلاميات دوت كوم أسئلة وأجوبة

Share |

مشاهدات 19692

تعليقات 0

+ كم زوجة يجب على الرجل أن يتزوج بحسب تعاليم الإنجيل المقدس؟
- إن التعاليم المسيحية المستمدّة من الإنجيل المقدس تُعلّم أنه على الرجل أن يرتبط بزوجة واحدة فقط. فالزواج بحسب مفهوم الدين المسيحي هو سُنّة مقدسة رتّبها الله تعالى، يرتبط فيها الرجل والمرأة برباط روحي، يُعرف برابطة الزواج. وفي هذه الرابطة المقدسة يتساوى الرجل والمرأة، ويكون كل واحد منهما مكملاً للآخر، وذلك بحسب شريعة الله القائلة: "لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسداً واحداً" (تكوين 2:24).
يجب أن يكون الرجل والمرأة في الزواج المسيحي جسداً واحداً:
في الواقع أن هذه الكلمات المقتبسة من الكتاب المقدس هي من كلام الله عز وجل. وتعني، أنه عندما يتزوج رجل بامرأة، فإنه يكملها وهي تكمله ويذوب كيان كل واحد منهما في الآخر في المحبة المتبادلة والتفاهم، وذلك بحسب وصيته تعالى القائلة: "عندما يتزوج رجل بامراة فإنهما ليسا بعد اثنين بل جسد واحد" (متى 19:6). ومعنى ذلك أن رابطة الزواج يجب أن تدوم بين الرجل والمرأة في محبة الله ومخافته. على الرجل ألا ينظر إلى زوجته بأنها أقل منه شأناً، أو أنها لمجرد المتعة الجسدية والخدمة المنزلية والإنجاب، لأنها نصفه الآخر الذي يكمّله، وواجب عليه أن يحافظ على هذا النصف كما يحافظ على نفسه، ويحبه كما يحب نفسه. والجدير بالذكر، إن الإنجيل المقدس يشبه علاقة الرجل بالمرأة بعلاقة المسيح بالكنيسة. ويقول الكتاب المقدس بهذا الصدد: "أيها النساء اخضعن لرجالكنَّ كما للرب، لأن الرجل هو رأس المرأة، كما أن المسيح أيضاً رأس الكنيسة، وهو مخلص الجسد، ولكن كما تخضع الكنيسة للمسيح، كذلك النساء لرجالهن في كل شيء أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح الكنيسة، وأسلم نفسه لأجلها.. كذلك يجب على الرجال أن يحبوا نساءهم كأجسادهم، ومن يحب امرأته يحب نفسه.. من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسداً واحداً" (أفسس 5:22-25 و28 و31).
وهكذا نلاحظ أن الزواج في الدين المسيحي أمر مقدس ويُطلق عليه البعض في الكنيسة المسيحية لقب سرّ الزواج. وعلى الرجل أن يقترن بامرأة واحدة يكون وإياها كأنهما جسد واحد ينمو في المحبة والتفاهم والتضحية ومخافة الله.

+ هل يجوز الطلاق في الديانة المسيحية؟
- إن الجواب البديهي على هذا السؤال هو أن الدين المسيحي لا يجيز الطلاق بين الزوجين، لأن الزواج رباط مقدّس مُرتّب من الله. وللإجابة على هذا السؤال بشكل واضح ينبغي إعطاء وجهة النظر الكاملة حول هذا الموضوع، لا سيما وأن هناك حالات يجوز الطلاق فيها أو يكون مبرراً. وعلى هذا الأساس، فإنه يجدر بنا قبل التكلم عن الطلاق، أن نعرّف الزواج أولاً بحسب المفهوم المسيحي.
فالزواج بحسب هذا المفهوم هو رباط مقدس، وارتباط بين شخصين، رجل وامرأة وُجدا ليتكلاملا في جو القدسية والمحبة والتفاهم والانسجام والعطاء والتضحية. وعليهما أن يعيشا معاً، ويحافظا على بعضهما بعضاً في السرّاء والضراء، في أيام العسر واليُسر. والكنيسة المسيحية في كل تاريخها علمت أن زواج الرجل ينبغي أن يكون بامرأة واحدة مدى الحياة، وأن يكون كل من الزوجين، أميناً لعهود الزوجية المقدسة. وقد اهتمت الديانة المسيحية بالزواج، وجعلته من المقدسات الدينية، فمنعت تعدّد الزوجات وحرّمته، كما حرّمت الطلاق مبدئياً كقاعدة عامة. وذلك استناداً إلى ما قاله السيد المسيح عندما "جاء إليه الفريسيون ليجرّبوه قائلين له: هل يحل للرجل أن يطلق امرأته لكل سبب؟ فأجاب وقال لهم: أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكراً وأنثى وقال: من أجل هذا يترك الرجل وأباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسداً واحداً؟ إذاً ليسا بعد اثنان، بل جسد واحد. فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان. قالوا له: فلماذا أوصى موسى أن يعطى كتاب طلاق فتطلق؟ قال لمهم: إن موسى من أجل قساوة قلوبكم آّن لكم أن تُطلقوا نساءكم، ولكن من البدء لم يكن هذا. وأقول لكم: إن من طلق امرأته إلا بسبب الزنا وتزوج بأخرى يزني، والذي يتزوج بمطلقة يزني" (متى 19:3-9).
إن الزواج في المسيحية يقوم على أسس جوهيرية نلخصها بما يلي:
أولاً: القدسية، فالزواج المسيحي المبني على كلمة الله، هو رباط مقدس.
ثانياً: الوحدة والاتحاد، الوحدة تقوم على أساس أن يتخذ الرجل الواحد امرأة واحدة فقد جاء في رسالة بولس الرسول لأهل كورنثوس: "ليكن لكل واحد امرأته، وليكن لكل واحدة رجلها" (1كورنثوس 7:2).
ثالثاً: المحبة واحترام، أن يقوم الزواج المسيحي على أساس المحبة والاحترام والتفاهم المتبادل بين الزوجين (أفسس 5).
رابعاً: الثبات وعدم الانحلال، وهذا يعني أن الزواج يجب أن يدوم ولا يُحلّ بقوة سلطان بشري إلا بالموت.
هذه هي أهم الأسس للزواج المسيحي المثالي، ولكن لكل قاعدة شواذاً. فقد تنشأ حالات استثنائية يكون ن نتيجتها تصدّع بنيان الزواج أو تفسّخه، لذلك لابد من إيجاد وسائل لمعالجة مثل هذه الحالات معالجة فعّالة، وبناء عليه، فقد أُسندت معالجة مثل هذه الحالات إلى المحاكم الروحية الكنيسة، لإيجاد التشريعات المناسبة لتبرير الطلاق، أو فسخ الزواج أو بطلانه، والتي هي بالنتيجة شيء واحد، (إلا أنه يسمى طلاقاً بالنسبة للبعض في حالة الزنى فقط، ولا يحقّ لمن طُلّق بسبب الزنى أن يتزوج ثانية، بينما يجوز ذلك في الحالات الأخرى).
ومع أن المرجع الأول الذي يُعتمد عليه لتبرير الطلاق، هو الكتاب المقدس، الذي ينص في أكثر من موضع على أن "من طلّق امرأته إلا لعلة الزنى، يجعلها تزني، ومن يتزوج مطلقة فإنه يزني" (متى 5:32). فمع ذلك اضطرت الكنيسة لوضع تشريعات واجتهادات خاصة لمعالجة موضوع الزواج الفاشل، الذي يحوّل الحياة الزوجية إلى جحيم وشقاء، ومن هذه الاجتهادات والتشريعات:
1 - حالة الزنى، عند اقتراف أحد الطرفين جريمة الزنى وتدنيس قدسية الزواج.
2 - عند إصابة أحد الزوجين بالجنون والانفعالات النفسية الشديدة التي لا يمكن شفاؤها والتي تشكّل خطراً على الحياة الزوجية والأولاد فيما بعد.
3 - عند ترك الزوجين بيت الزوجية، دون إذن أو علم الآخر، ودوام ذلك لفترة طويلة قد تكون ثلاث سنوات أو أكثر (عند بعض الطوائف).
4 - عندما يقع أحد الزوجين تحت عقوبة جرم شائن يؤدي به إلى السجن لمدة طويلة.
5 - عندما يكون زواج أحد الطرفين من الآخر بالإكراه ودون موافقته ورضاه.
بالإضافة إلى ذلك، هناك آراء وأفكار إضافية حول الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق أو فسخ الزواج، ومنها عدم الانسجام الروحي والجسدي الذي يؤثر على السعادة الزوجية. وقد ذهب البعض إلى أن اختلاف الدين بين الزوجين أو العجز الجنسي الدائم، أو كل ما يسبب تصدّع صرح الزوجية، هو سبب كافٍ للطلاق. إلا ان المسيحية بشكل عام، لا تقبل بالطلاق المعلّق على الأهواء والنزعات الخاصة أو النزوات أو التراضي والاتفاق بين الزوجين على الطلاق، إذ يجب أن تكون هناك أسباب هامة تؤدي إلى ذلك، ويعود تقديرها للمحاكم الروحية لدى الطوائف المسيحية. ومما يجدر ذكره أن بعض الطوائف المسيحية لا تجيز الطلاق، لأن الشريكين قد صارا في الزواج المقدس جسداً واحداً، لا يجوز الفصل بينهما مهما تكن الأسباب. ولهذا فهي تقرّر الهجر بين الزوجين لمدة طويلة يختبر فيها كل من الطرفين نفسه، على أمل أن يكون هناك مجال لعودة الوافق بينهما. وليس هناك قانون عام أو قاعدة عامة يجوز الطلاق بموجبها، بل إن كل حالة تؤخذ على حدة يقرر بشأنها بحسب الموجبات المؤدية إلى الخلاف والحل الذي ترتئيه المحكمة الروحية المولجة بشئون الأحوال الشخصية.
ومع أن الطلاق مرفوض في الدين المسيحي، لأن ما جمعه الله لا يفرقه إنسان، إلا أن هناك وجهات نظر أخرى تحاول معالجة هذا الموضوع، لإيجاد منفذ لحالات يستعصى فيها على الإطلاق الجمع بين اثنين، واستمرار حياتهما معاً، على أساس أن التعاليم المسيحية ليست جامدة، وتهتم بالروح بدل الحرف. فإذا كان لا يمكن الجمع بين اثنين في محبة ووفاق، فهل من العدل والحكمة أن يبقيا معاً في حياة لا تُطاق؟
وخلاصة القول، إن الأساس للأسرة المسيحية المثالية بالنسبة للحياة الزوجية هو مبدأ عدم الطلاق، وهذا حق، ولكن في المقابل يجب عدم نسيان ناموس الرحمة والمحبة. فإذا استعصى على شخصين مثلاً أن يجمعهما سقف واحد ولم ينجح الطبيب، أو المحلل النفسي، أو المرشد الروحي أو وسائل المعالجة الأخرى، في الصول إلى حل لمشاكلهما، فإنه ليس من الرحمة، او المحبة المسيحية أن يُفرض على الزوجين في مثل هذه الأحوال رباط قاس رهيب، يربطهما معاً طيلة العمر، حتى الموت، ويحوّل البيت إلى جحيم، ويخلق جيلاً معقداً من الأبناء‎. ما العمل إزاء ذلك، إذا كان الزواج الفاشل هو بمثابة السرطان الذي يصيب عضواً من الأعضاء؟ أليس من الأفضل في مثل هذه الحالة الالتجاء إلى مبضع الجرّاح، على أن يهدّد كيان الجسد كله؟
فالطلاق هو شر، والعيش في جوّ من الحقد والضغينة والكراهية وسوء التفاهم الدائم والتشنج هو شرّ أيضاً، وفي هذه الحالات الشاذة يمكن اختيار أهون الشرّين، وهو فسخ عقد الزواج أو ما يُعرف بالطلاق.
بهذا نلاحظ أن الديانة المسيحية تقدّس الزواج بين الرجل والمرأة تقديساً كاملاً، ولا تشجّع - بل تحرّم - الطلاق في الحالات التي يمكن فيها إنقاذ هذا الزواج، لأن ما جمعه الله لا يفرّقه إنسان. وأن الطلاق - إن حدث - فهو معالجة لأمور شاذة لا يمكن إصلاحها. فالمسيحية تُكرّم المجتمع والأسرة وحياة الأطفال، وتنادي بقدسية الزواج ليعيش الجميع في محبة وتفاهم ووئام في ظل راية المسيح، داعية المحبة، ورئيس السلام، الذي يساعدنا على أن نحيا حياة مثالية عندما ننظر إليه كمدبّر لحياتنا، وسيّد لبيوتنا.

+ هل يحلّل المسيحيون أكل لحم الخنزير، مع العلم أن الخنزير من الحيوانات النجسة ولحمه مضرّ بالصحة، ويُقال إنه يسبب الأمراض؟
- للإجابة على هذا السؤال، تجدر الإشارة أولاً إلى أن الخنزير كان يعتبر من الحيوانات النجسة في العهد القديم، أي في الفترة التي سبقت مجيء المسيح، وكان أكله محرماً من قِبَل اليهود كما أن الجمل والوبر (وهو حيوان يشبه الأرنب البرّي) والأرنب أيضاً، كانت تُعتبر من الحيوانات النجسة المحرّم أكلها بالنسبة للناس في العهد القديم. وكانت هذه الحيوانات، أي الخنزير والجمل والأرنب والوبر، تُعتبر مع عدد من الطيور والأسماك نجسة لا يجوز أكلها، ولا يجوز لمس جثثها، لأن الذي يلمسها يتنجس. وقد ورد ذلك ضمن شريعة العهد القديم. التي كانت تحلّل أكل بعض اللحوم، وتحرّم البعض الآخر. فقد ورد في سفر التثنية أسماء الحيوانات النجسة وغير النجسة. وهي كما يلي: "لا تأكل رجساً ما. هذه هي البهائم التي تأكلونها. البقر والضأن والمعز والإبل والطبي واليحمور والوعل والرئم والثيتل والمهاة. وكل بهيمة من البهائم تشق ظلفاً وتقسمه ظلفين وتجترّ فإياها تأكلون إلا هذه فلا تأكلوها مما يجترّ ومما يشق الظلف المنقسم. الجمل والأرنب والوبر لأنها تجترّ لكنها لا تشق ظلفاً فهي نجسة لكم والخنزير لأنه يشق الظلف لكنه لا يجتر فهو نجس لكم. فمن لحمها لا تأكلوا وجثثها لا تلمسوا. وهذا تأكلونه من كل ما في المياه. كل ما له زعانف وحرشف تأكلونه. لكن كل ما ليس له زعانف وحرشف لا تأكلوه. إنه نجس لكم.
كل طير طاهر تأكلون. وهذا ما لا تأكلون منه. النسر والانوق والعقاب والحدأة والباشق والشاهين على أجناسه وكل غراب على أجناسه والنعامة والظليم والسأم والباز على أجناسه والبوم والكركي والبجع والقوق والرخم والغواص واللقلق والببغا على أجناسه والهدهد والخفاش. ولك دبيب الطير نجس لكم لا يؤكل كل طير طاهر تأكلون" (تثنية 14:3-20).
والمعروف أن شريعة العهد القديم كانت تقيّد الناس بقوانين معينة وتفرض عليهم شرائع مختلفة، لها علاقة بالأكل والشرب واللبس والتعامل في الحياة اليومية والأعياد. وقد ظل الناس في العهد القديم يمارسون تلك العادات ويأكلون المحلّلات، ويمتنعون عن المحرّمات إلى مجيء المسيح، الذي أبطل هذه العادات، وحلّل الناس أن يأكلوا ما يشاؤون.
وبعد مجيء المسيح:
بدأ الناس أكل لحم الخنزير بعد مجيء المسيح، لأن المسيح لم يربط إيمان الإنسان بما يأ:له من لحوم أو غيرها. وبما أن المسيح جاء لحررنا من الناموس ومن قيود العهد القديم، فإنه لم يحلل أو يحرّم أي نوع من اللحوم باعتبار أن كل إنسان يأكل ما يطيب له، ولا يأكل ما لا يستطيع أكله، وباعتبار أن "ليس ما يدخل الفم ينجّس الإنسان، بل ما يخرج من الفم هذا ينجّس الإنسان" (متى 15:11). أي الشتائم والتجديف والكلام البطّال والكذب والخداع الخ. وعلى هذا الأساس يستطيع المسيحي أن يأكل ما يطيب له من اللحوم، لأن المجاسة ليست بالأكل والشرب، بل بعمل الخطية وعدم إطاعة شريعة الله، وأيضاً "ما طهّره لا تدنّسه أنت" (أعمال 10:15).
هل يسبب لحم الخنزير بعض الأمراض؟
صحيح أن جميع أنواع اللحوم تسبب الأمراض ومضرّة بالصحة إن لم تُطبخ جيداً، ويمكن القول إن لحم الخنزير يتأثر بالبكتريا، أي الجراثيم أسرع من غيره، فإنه يعطب قبل غيره من اللحوم. فإذا لم يحفظ جيداً أو يضوع في الثلاجة فإنه يعطب أسرع من غيره من اللحوم. وعندها فإن تناوله يضرّ الصحة، وقد يسبب أحياناً بعض الأمراض الخطيرة. ولكن إذا حُفظ الخنزير وطُبح جيداً، فلا يسبب الأمراض أو يضرّ باصحة مطلقاً، وجليل على ذلك أن معظم الدول الراقية التي تحافظ على صحة مواطنيها تأكل لحم الخنزير بكثرة، فلو كان لحم الخنزير يسبب الأمراض ويضرّ بالصحة العامة، لما سمح بذبحه وبيع لحمه هذا طبعاً إذا لم تكن الخنازير مصابة أصلاً بأمراض معيّنة قبل ذبحها، والمعروف أن أحد الأمراض الشائقة التي يسببها لحم الخنزير المريض "هو التريشينويز" الذي يؤثر على الجهاز العصبي عند الإنسان، وقد تكون الإصابة به خطيرة إن لم يعالج جيداً. على كل حال، هناك عدد من الناس لا يأكلون لحم الخنزير والأرنب والجمل، ليس لأنه لحم نجس، ولكن لأن أكل هذه اللحوم لا يروق لهم. كما أن هناك من يحرّم أكل لحم الخنزير لأسباب شخصية أو دينية ونحن تحترم رأيهم. أما تعاليم الدين المسيحي بهذا الخصوص تشير إلى أن "ليس ما يدخل الفم ينجّس الإنسان، بل ما يخرج من الفم ينجّس الإنسان" (متى 15:11).

+ من هم الفريسيون الوارد ذكرهم في الكتاب المقدس وما هي عقائدهم؟
الفريسيون هم إحدى الفئات الدينية اليهودية الرئيسية الثلاث التي كانت معروفة عند اليهود وحتى مجيء المسيح. وهذه الفئات الثلاث، هي: الصدوقيون، والأسينيون والفريسيون. وكلمة فريسي بحدّ ذاتها، كلمة آرامية ومعناها "المنعزل" فالفريسيون هم "المنعزلون"، والمعروف عن الفريسيين أنهم أضيق الفئات الدينية اليهودية من ناحية التعليم (أعمال 26:5). وقد عرفوا بهذا الإسم الخاص في عهد يوحنا هركانوس، أحد عظماء أشراف اليهود في القرن الثاني قبل الميلاد. وكان هركانوس من تلامذتهم، ولكنه تركهم فيما بعد والتحق بالصدوقيين. ويسعى ابنه اسكندر ينانوس من بعده إلى إبادتهم. غير أن زوجته ألكساندرة التي خلقته في السلطة سنة 78 قبل الميلاد رعتهم فقوي نفوذهم وأصبحوا قادة اليهود في الأمور الدينية. ولا شك أن الفريسيين في أول عهدهم كانوا من أنبل الناس خلقاً وأتقاهم تديّناً، غير أنه على مرّ الزمن، جخل حزبهم من كانت أخلاقهم دون ذلك، إلى أن فسد جهازهم واشتهر معظمهم بالرياء، لدرجة أن يوحنا المعمدان دعاهم "أولاد الأفاعي"، كما وبّبخهم السيد المسيح بشدة من أجل ريائهم وادّعائهم القداسة والبرّ واهتمامهم بقشور الدين دون الجوهر، "فإني أقول لكم إنكم إن لم يزد برّكم على الكتبة والفريسيين لن تدخلوا ملكوت السماوات" (متى 5:20). "وقال لهم يسوع انظروا وتحرزوا من خمير الفريسيين والصدوقيين" (متى 16:6). "كيف لا تفهمون أني ليس عن الخبز قلت لكم أن تتحرّزوا من خمير الفريسيين والصدوقيين. حينئذ فهموا أنه لم يقل أن يتحرزوا من خمير الخبز بل من تعليم الفريسيين والصدوقيين" (متى 16:11 و12).
وقد وجّه المسيح توبيخه لهم بقوله: "على كرسي موسى جلس الكتبة والفريسيون. فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوه وافعلوه. ولكن حسب أعمالهم لا تعملوا لأنهم يقولون ولا يفعلون. فإنهم يحزمون أحمالاً ثقبلة عسرة الحمل ويضعونها على أكتاف الناس وهم لا يريدون أن يحرّكوها بإصبعهم. وكل أعمالهم يعملونها لكي ينظرهم الناس. فيعرضون عصائبهم ويعظّمون أهداب ثيابهم. ويجبون المتكأ الأول في الولائم والمجالس الأولى في المجامع. والتحياة في الأسواق وأن يدعوهم الناس سيدي سيد.. لكن ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تغلقون ملكوت السموات قدّام الناس فلا تدخلون أنتم ولا تدعون الداخلين يدخلون. ويل لكن أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تأكلون بيوت الأرامل ولعلة تطيلون صلواتكم. لذلك تأخذون دينونة أعظم. ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تطوفون البحر لتكسبوا دخيلاً واحداً. ومتى حصل تصنعونه ابناً لجهنم أكثر منكم مضاعفاً.. ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تعشّرون النعنع والشبث والكمون وتركتم أثقل الناموس الحق والرحمة والإيمان. كان ينبغي أن تعلموا هذه ولا تتركوا تلك. أيها القادة العميان الذين يصفعون عن البعوضة ويبلعون الجمل... ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تشبهون قبوراً مبيّضة تظهر من خارج جميلة وهي من داخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة. هكذا أنتم أيضاً من خارج تظهرون للناس أبراراً ولكنكم من داخل مشحوون رياءً وإثماً. أيها الحيّات أولاد الأفاعي كيف تهربون من دينونة جهنم" (متى 23). ويشير الإنجيل المقدس الذي يقول: "فخرج الفريسيون للوقت مع الهيرودسيين وتشاوروا عليه لكي يهلكوه" (مرقس 3:6). ويذكر الإنجيل المقدس آيات كثيرة عن معارضة الفريسيين ليسوع نذكر منها ما يلي: "وأما قوم منهم (اليهود) فمضوا إلى الفريسيين وقالوا لهم عما فعل يسوع. فجمع رؤساء الكهنة والفريسيون مجمعاً وقالوا ماذانصنع فإن هذا إنسان يعمل آيات كثيرة. إن تركناه هكذا يؤمن الجميع به فيأتي الرومانيون ويأخذون موضعنا وأمتنا. فقال لهم واحد منهم. وهو قيافا: كان رئيساً للكهنة في تلك السنة. أنتم لستم تعرفون شيئاً. ولا تفكرون أنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها" (يوحنا 11:46-50).
ما يعتقد الفريسيون:
من حيث العقيدة، كان الفريسيون يؤمنون بالعهد القديم من الكتاب المقدس ويعتقدون بالقدر، ويجمعون بينه وبين إرادة الإنسان الحرة. كما أنهم كانوا يؤمنون بخلود النفس وقيامة الجسد ووجود الملائكة والأرواح" (أعمال 23:8). والثواب والعقاب في الآخرة، بحسب صلاح الحياة الأرضية أو فسادها. كانت عقائدهم ظاهرية وليست قلبية، وقالوا بوجود تقليد سماعي عن موسى تناقله الخلف عن السلف، زعموا أنه معادل للشريعة المكتوبة أوأهم منها. لذلك عندما جاء المسيح، صرّح بأن الإنسان ليس ملزماً بتقاليد الناموس (متى 15:2 و3 و6).

لماذا لقّب يوحنا المعمدان الفريسيين بأولاد الأفاعي؟
عندما كان يوحنا المعمدان، المعروف لدى البعض باسم النبي يحيى بن زكريا يكرز في برية اليهودية قائلاً: "توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السماوات" (متى 3:2). جاء إليه جماعة من الفريسيين والصدوقيين بقصد الاستهزاء به وبرسالته، لا سيما وأنهم لم يصدّقوا أن المسيح الذي كان يوحنا يمهّد الطريق له هو المسيا المنتظر. ومن جهة أخرى لم يقبلوا على أنفسهم فكرة الاعتماد والاعتراف بخطاياهم. لأنهم كانوا يعتقدون أنهم مبررون لأنهم من نسل إبراهيم. وهذا كان الاعتقاد السائد عند كافة اليهود. ورغم ذلك كان الفريسيون والصدوقيون يذهبون إلى يوحنا للاعتماد منه. ولكن طلبهم لم يكن ناتجاً عن توبة حقيقية وإنما خوفاً من الغضب الآتي عليهم. ويقول الإنجيل المقدس بهذا الصدد: "فلما رأى كثيرين من الفريسييين والصدوقيين يأتون إلى معموديته قال لهم، يا أولاد الأفاعي، من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي، فاصنعوا ثماراً تليق بالتوبة، ولا تفتكروا أن تقولوا في أنفسكم لنا إبراهيم أباً. لأني أقول لكم أن الله قارد أن يقيم من هذه الحجارة أولاداً لإبراهيم والآن قد وضعت الفأس على أصل الشجر فكل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً تُقطع وتلقى في النار" (متى 3:7-10).
ومعنى ذلك أن يوحنا أراد أن يلفت انتباه الفريسيين عندما جاءوا إليه ليعتمدوا منه، بأن مجرّد الاعتماد بالماء ليس كافياً إذا لم يقترن بالتوبة. وكأنه كان يوجه إليهم هذه الأسئلة: هل تبتم عن خطاياكم؟ أين ثمار توبتكم؟ وكانت نصيحته إليهم: "اصنعوا أثماراً تليق بالتوبة".

لماذا قال يوحنا لهم: "يا أولاد الأفاعي، أليست هذه إهانة؟
في الواقع أن يوحنا لم يقصد إهانتهم أو التنديد بهم، بقدر ما أراد أن يصفهم على حقيقتهم، لكونهم لم يأتوا للحصول على المعمودية نتيجة إيمانهم، وإنما لاعتقادهم بأن المعمودية قد تبعد غضب الله عنهم، أي الغضب الآتي. إذ أنهم كانوا يعتدّون بأنفسهم معتقدين أن إبراهيم أبا المؤمنين محسوب لهم، وأن إيمان إبراهيم كافٍ لكل نسلهم، وأن اليهودي له رجاء في الحياة الأبدية بسبب إيمانه وبرّه، لا لبرّه هو أو إيمانه الشخصي.
وعلى هذا الأساس، كون الفريسيون مجموعة كبيرة من التعاليم منها أن اليهود لهم نصيب في الحياة الأبدية بسبب إيمان إبراهيم، لذلك نلاحظ أن يوحنا حاول أن يبيّن أنه لا يمكن لهم أن يعيشوا على ذكريات الماضي بأن إبراهيم هو أبوهم، وأن الجيل الفاسد لا تخلّصه حسنات أجداده. لقد صوّر لهم الدينونة بأنها الفأس التي توضع على أصل الشجرة فكل شجرة لا تصنع أثماراً جيدة تُقطع وتلقى في النار، وهذا تشديد على أن كل شخص مسئول أمام الله بالنسبة لإيمانه وأعماله. أما رأي السيد المسيح بالفريسيين فلم يكن يختلف عن رأي يوحنا المعمدان لأن المسيح لاحظ تمسّك الفريسيين بقشور الدين وإهمالهم الجوهر، لذلك حذّرهم بكلمات قاسية "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون، لأنكم تأكون بيوت الأرامل ولعلّة تطيلون صلواتكم، لذلك تأخذون دينونة أعظم" (متى 23:14). وقد لقّبهم المسيح بالجهّال والعميان وشبّههم بالقبور المبيّضة التي تظهر من الخارج جميلة ومن الداخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة، وأنهم يظهرون للناس أبراراً ولكنهم من الداخل مشحونون رياءً وإثماً (متى 23:27-28). كما لقّبهم المسيح بأولاد الأفاعي وأولاد إبليس (متى 33:33).

ما هو موقف المسيح من الفريسيين؟
إن وقف المسيح من الفريسيين هو نفس موقفه من أي إنسان خاطئ. لقد جاء المسيح لهداية الناس وخلاصهم وفدائهم، وكان يهمّه طبعاً أن يبتعد الفريسيون عن تديّنهم الزائف، وأن يتوبوا عن خطاياهم ويهتمّوا بجوهر الدين لا بالقشور، ويحيوا حياة الإيمان الحقيقي، وتكون حياتهم مثمرة في الإيمان والأعمال الصالحة، بمعنى أن يعيشوا حسب إرادة الله وتعليمه ووصاياه، وأهم من كل شيء أن يدركوا بأن المسيح هو الإله الذي ظهر في الجسد لأجل خلاص البشر، وإنه هو الطريق والحق والحياة، ولا أحد يأتي إلى الآب إلا به (يوحنا 14:6). ويشير الكتاب المقدس إلى أن الفريسيين كانوا ألدّ أعداء المسيح منذ بداية خدمته الأرضية إلى أن عُلِّق على الصليب.

+ ما معنى العرس الذي أقامه الملك ورفض المدعوّون الدعوة، وإلى ماذا يشير؟
- هناك داعي للتعجب في المثل الذي قدمه المسيح في إنجيل متى عن الملك الذي دعا كل من وجده في الطريق للعرس، لأن الملك دعا كل من وجده على الطريق ولكنه أمر بمعاقبة الشخص الذي لم يكن مرتدياً لباس العرس، والسؤال: لماذا عاقبه الملك لأنه لم يلبس لباس العرس؟!
قبل التطرّق إلى الإجابة، أعتقد أنه من الأفضل أن نشترك في تأمل القصة كما وردت في إنجيل متى 22 لنعرف كما نتكلم. إن المسيح كان يعلّم الجموع عن ملكوت الله. وكان يضرب لهم أمثالاً ليسهّل عليهم فهم مقاصده الإلهية، وعندما تكلم المسيح عن الملك، كان يضرب للناس مثلاً عن ملكوت الله فقال: "يشبه ملكوت السموات إنساناً صنع عرساً لابنه، وأرسل عبيده ليدعوا المدعوّين إلى العرس فلم يريدوا أن يأتوا، فأرسل ايضاً عبيداً آخرين قائلاً قولوا للمدعوين، هوذا غذائي أعددته، ثيراني ومسمناتي قد ذُبحت، وكل شيء مُعدّ، تعالوا إلى العرس. ولكنهم تهاونوا ومضوا، واحدٌ إلى حقله وآخر إلى تجارته، والباقون أمسكوا عبيده وشتموهم وقتلوهم. فلما سمع الملك غضب وأرسل جنوده وأهلك أولئك القاتلين وأحرق مدينتهم" (متى 22:2-7).
بعد ذلك قال الملك لعبيده: "أما العرس فمستعدّ، وأما المدعونن فلم يكونوا مستحقين، فاذهبوا إلى مفارق الطرق وكل من وجدتموه فادعوه إلى العرس" (متى 22:8-9). وهكذا خرج أولئك العبيد إلى الطرق، ودعوا كل الذين وجدوهم في الطريق أشراراً وصالحين. فامتلأ العرس من المتكئين. فلما دخل الملك لينظر المتكئين، رأى هناك إنساناً لم يكن لابساً لباس العرس، فقال له: يا صاحب كيف دخلت إلى هنا وليس عليك لباس العرس؟ فسكت. حينئذٍ قال الملك للخدام، اربطوا رجليه ويديه، وخذوه واطرحوه في الظلمة الخارجية، هناك يكون البطاء وصرير الأسنان (متى 22:10-13). بهذا أعتقد أن القصة أصبحت واضحة الآن، فهل لك أن تعيد طرح السؤال الذي يتعلق بالقصة؟

ولكن لماذا طرد الملك من لم يكن لابساً لباس العرس فقد يمكن أن يكون رجل فقيراً ولا يملك لباس خاصاً للعرس؟!
الاستفسار في محله، وكثيرون من الذين يقرأون مَثَل المسيح هذا يسألون السؤال نفسه بخصوص تصرّف الملك بالنسبة للرجل الذي لم يكن لابساً لباس العرس. ولكننا عندما نراجع بعض المراجع اللاهوتية بهذا الصدد، نلاحظ أن العادة المتّبعة آنذاك، كانت تقي بأن يهيء الملك لباساً خاصاً للمدعوين. وكان المفترض بالمدعوين أن يلبس كل منهم لباس العرس، ومن لم يلبسه فكأنه يوجّه إهانة لصاحب الدعوة بعدم احترامه له، أو عدم اكتراثه بأهمية الدعوة. وهذا طبعاً أمر شائع، بأن الإنسان يلبس عادة للمناسبات الخاصة لباساً غير الذي يلبسه في البيت أو الحديقة أو العمل. وإن كان اللباس مهماً، فإنه يدل على مقدرا تقديرنا لصاحب الدعوة. فغضب الملك على من لم يلبس لباس العرس لم يكن مجرّد افتراء.
والأهم من ذلك، أن ندرك أن هدف هذه القصة هو أن يعلّمنا درساً مهماً لحياتنا، أكثر من مجرد تعليمنا درساً في أصول التصرّف أو اللياقة. فالمثل المقصود، يشير إلى أن الملك صاحب الدعوة هو الله. والعرس أو الوليمة هو ملكوت السماوات والكرازة والإنجيل، والخدّام الذين ذهبوا لدعوة المدعوين، هم خدام الله، الكارزون بكلمته. والمدعوون إلى العرس هم الناس، ولباس العرس هو الإيمان والقداسة والمحبة. وإن قصد المسيح من هذا المثل، كان ليبيّن أن الله يدعو كل إنسان إلى ملكوته، ولكن الذين يرفضون دعونه فإنه يعاقبهم نتيجة عصيانهم وعدم تلبيتهم الدعوة الإلهية، وهذا ما قصد المسيح إيضاحه في هذا المَثَل.

+ ما هو موقف الدين المسيحي من موضوع الزنى؟
- مما لا شك فيه أن الكتاب المقدس الذي يعتبر دستور الديانة المسيحة، يحرم الزنى تحريماً قاطعاً، ويحذّر الزناة بأنهم لم يدخلوا ملكوت السموات. والمعروف أن الزنى هو كل اتصال جنسي غير شرعي بين رجل وامرأة لا يرتبطان برباط الزواج. أو بمعنى آخر، أن يضاجع رجل امرأة لا ترتبط به شرعاً، سواء أكانت متزوجة أم غير متزوجة. ويذكر الكتاب المقدس أن عقاب خطية الزنى في العهد القديم كان الرجم حتى الموت. أو القتل أو الحرق (لاويين 20:10 وتثنية 22:22-29). وقد نهى الكتاب المقدس في أكثر من موضع عن الزنى وارتكاب الفحشاء. وحذّر الله الناس في وصاياه العشر من الزنى، فقال في الوصية السادسة: "لا تزن".

ما هي نظرة المسيح وتعاليمه بالنسبة للزنى؟
لقد حذّر العهد القديم من الكتاب المقدس من ارتكاب خطية الزنى، ولكن السيد المسيح ذهب إلى أبعد من ذلك، إذ إنه لم يقل إن ارتكاب فعل الزنى خطية فحسب، بل أن مجرد التفكير في الزنى أو الاشتهاء المحرّم هو خطية أيضاً، فقال: "سمعتم أنه قيل للقدماء لا تزنِ. وأما أنا فأقول لكم، إن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه" (متى 5:27-28). وعندما نقرأ الإنجيل المقدس أو العهد الجديد من الكتاب المقدس، نلاحظ أنه مليء بالتعاليم التي تنهي عن الزنى. وقد كتب رسل المسيح الأطهار إلى المؤمنين في بداية عهد الكنيسة المسيحية يشددون إيمانهم، ويحذّرونهم من التعاليم الفاسدة والأعمال الشائنة التي لا تمجد الله، ومن بينها الزنى. ولا مجال لذكر كافة المراجع المسيحية التي تتكلم عن الزنى نظراً لكثرتها، ولكن نذكر بعض الشواهد التي وردت بهذا الخصوص على سبيل المثال لا الحصر، ومنها ما يلي:
1 - كتب بولس الرسول إلى أهل كورنثوس: ".. لا تخالطوا الزناة" (1كورنثوس 5:9).
2 - وأيضاً قوله: "لا تضلّوا، لا زناة ولا عبدة أوثان ولا فاسقون ولا مأذبونون ولا مضاجعو ذكور يرثون ملكوت الله" (1كورنثوس 6:9).
3 - وقوله أيضاً: "اهربوا من الزنى.. الذي يزني يخطيء إلى جسده" (1كورنثوس 6:18).
والجدير بالذكر أن التعاليم المسيحية تحذّر الإنسان من أن يكون عبداً لشهواته، إذ أن كل أعضائنا مقدسة، ويجب أن لا تستخدم لتدنيس اسم الله، بل علينا أن نحيا في القداسة كما يليق بنا كأبناء الله.
ويقول الكتاب المقدس بهذا الصدد: "لأن هذه إرادة الله قداستكم، أن تمتنعوا عن الزنى" (1تسالونيكي 4:3). و"وأما الزنى وكل نجاسة أو طمع فلا يُسمَّ بينكم كما يليق بقديسين" (أفسس 5:3).
ويحذرنا الكتاب المقدس أن لا نكون عبيداً لشهواتنا بقوله: "فأميتوا أعضاءكم التي على الأرض، الزنا، النجاسة، الهوى، الشهوة الردية، الطمع الذي هو عبادة الأوثان" (كولوسي 3:5).
ويذكرنا الكتاب المقدس أيضاً بدلاً من أن نستعمل أعضاءنا للنجاسة، علينا أن نستعملها للقداسة فيقول: "أتكلم إنسانياً من أجل ضعف جسدكم، لأنه كما قدمتم أعضاءكم عبيداً للنجاسة والإثم للإثم، هكذا الآن قدّموا أعضاءكم عبيداً للبر والقداسة" (رومية 6:19).
والمعروف أن الزنى خطية. ويذكر الكتاب المقدس أن أجرة الخطية هي الموت (رومية 6:23). ولكن من يتوب عن خطيته ويندم عليها فإن الله يقبل توبته ويغفر له ويمنحه حياة أبدية. ويقول الكتاب المقدس بهذا الصدد. "لأن أجرة الخطية هي موت، وأما هبة الله فهي حياة أبدية في المسيح يسوع ربنا" (رومية 6:23).

+ ما هو موقف الدين المسيحي من شرب الخمر؟
- إن هذا السؤال شائك إلى حد ما، إذ قد يسيء البعض تفسير الإجابة عليه نظراً لأن كل إنسان ينظر إليه من زاويته الخاصة، لذا نرجوا القارئ الكريم عدم إساءة فهم الإجابة والتروّي قبل الحكم، وفي حال الشك استطلاع رأي الكتاب المقدس بهذا الصدد.
لقد ورد ذكر الخمر في أكثر من موضع في الكتاب المقدس، وكان الخمر يُصنع من العنب (إرميا 6:9). وكان عصير العنب يستعمل بعد عصره بطرق مختلفة كشراب فاكهة غير مختمر، أو كخمرة بعد التخمير، أو كخلّ بعد زيادة التخمير. وكان الخمر المصنوع من العنب يستعمل لأغراض مختلفة أيضاً وفي مناسبات مختلفة. فكان يُستعمل مثلاً لتطهير الجروح، كما كان يُقدم كشراب في الحفلات والولائم والأفراح. وكان يُستعمل أيضاً في الهيكل لأغراض دينينة، كما كان يوصف قليل منه كدواء، كما ورد على لسان بولس الرسول عندما قال لتلميذه تيموثاوس: "استعمل خمراً قليلاً من أجل معدتك وأسقامك الكثيرة" (1تيموثاوس 5:23). وإن الكتاب المقدس لم يحرّم الخمر تحريماً قاطعاً، كما أنه لو يحرم الطعام والشراب على أنواعه لأسباب دينية تحول دخول الإنسان ملكوت الله. فقال يسوع بهذا الصدد: "ليس ما يدخل الفم ينجّس الإنسان، بل ما يخرج من الفم هذا ينجّس الإنسان" (متى 15:11).
ولكن يظهر أن الناس على مر العصور أساءوا استعمال الخمر فحذّرهم الله ووبّخهم على ذلك في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد.
1 - ورد في سفر الأمثال ما يلي: "الخمر مستهزئة، المسكر عجاج، ومن يترنّح بهما فليس بحكيم" (أمثال 20:1).
2 - وورد عن الخمر أيضاً في سفر الأمثال ما يلي: "لمن الويل، لمن الشقاوة، لمن المخاصمات، لمن الكرب، لمن الجروح بلا سبب، لمن ازمهرار العينين، للذين يدمنون الخمر الذين يدخلون في طلب الشراب الممزوج. لا تنظر إلى الخمر إذا احمرّت حين تظهر حبابها في الكأس، وساغت مرقرقة، في الآخر تلسع كالحيّة وتلدغ كالأفعوان" (أمثال 23:29-31).
3 - وورد في سفر إشعياء النبي: "ويل للأبطال على شرب الخمر، ولذوي القدرة على مزج السكر" (إشعياء 5:22).
4 - ويقول هوشع النبي: "الزنى والخمر والسلافة تخلب القلب" (هوشع 4:11).
والمعروف أن الخمر تلعب برأس شاربها، لذلك كان لا يسمح للكاهن في العهد القديم أن يشرب منها عند ممارسة الخدمة المقدسة (لاويين 10:9) كما أنه لم يكن لائقاً للقضاة أن يشربوا منها عند جلوسهم في مجالس القضاء (أمثال 31:4-5 وإشعياء 28:7). وقد أعلن الكتاب المقدس أن في شرب الخمر مضرّة فقال محذّراً: "لا تكن بين شرَّيبيّ الخمر، بين المتلفين أجسادهم" (أمثال 23:20). وأن الكتاب المقدس ينهي أيضاً عن السكر بالخمر، وعلم أن السكر به خطية فقال: "ويل للمبكرين صباحاً يتبعون المسكر، للمتأخرين في العتمة تلهبهم الخمر" (إشعياء 5:11).
وقد ورد في العهد الجديد من الكتاب المقدس ما يلي:
1 - "إن كان أحد سكيراً.. لا تخالطوا ولا تؤاكلوا مثل هذا" (1كورنثوس 5:11).
2 - ويقول أيضاً: "وأعمال الجسد ظاهرة التي هي زنى وعهارة، دعارة .. حسد، قتل، سكر.. إن الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله" (غلاطية 5:19-21).
3 - كما أن الكتاب المقدس ينهي عن السكر فيقول: "ولا تسكروا بالخمر الذؤي فيه الخلاعة، بل امتلئوا بالروح" (أفسس 5:18). وبهذا نلاحظ أن الكتاب المقدس يشدّد على عدم السكر بالخمر، وبناء عليه فإن الدين المسيحي ينهي عن السكر بالخمر الذي فيه الخلاعة، مع العلم أن البعض يجيز شرب القليل منه ولا سيما في المناسبات الاجتماعية، مع التحفّظ والانتباه إلى عدم السكر به.
4 - كما يذكر الكتاب المقدس أن الشمامسة يجب ألا يكونوا مولعين بالخمر الكثير بقوله: "كذلك يجب أن يكون الشمامسة ذوي وقار لا ذوي لسانين، غير مولعين بالخمر الكثير، ولا طماعين بالربح القبيح" (1تيموثاوس 3:8).
5 - ويفيد الكتاب المقدس أيضاً أنه يجب على الأسقف ألا يكون من مدمني الخمر بقوله: "فيجب أن يكون الأسقف بلا لوم، بعل امرأة واحدة، صاحياً عاقلاً محتشماً، مضيفاً للغرباء صالحاً للتعليم، غير مدمن الخمر.. الخ" (1تيموثاوس 3:2-3).

أين وبأية مناسبة قال المسيح: "قليل من الخمر يفرح قلب الإنسان"؟
في الواقع أن هذا القول لم يرد على لسان السيد المسيح مطلقاً، كما أنه غير وارد إطلاقاً في الكتاب المقدس، وهو ليس آية كتابية كما يعتقد البعض. وأغلب الظن أن الناس ركّبوا هذا القول على أساس أنه موجود في الكتاب المقدس، ونسبوه إلى المسيح لكي يبرّروا شربهم للخمر. وقد تناقله البعض دون فحص أو تدقيق ناسبينه خطأ في المسيح، مع العلم أن المسيح لم يتفوّه بمثل هذه العبارة مطلقاً. وهذا يدل طبعاً على عدم معرفة الكثيرين لما يعلمه الكتاب المقدس أو ما ورد على لسان السيد المسيح. ويعتقد أن هذا القول: "قليل من الخمر يفرّح قلب الإنسان" هو قول مركّب من آيتين، أخذ قسم من كل آية خارج قرينته، فخرج بعد تحويره كآية مزيّفة من صنع الشر.
وكيف ذلك؟
عندما كان داود النبي يسبّح الله الخالق، عظيم الجلال، الباسط السماوات ومؤسس الأرض، جاء من ضمن تسابيحه في المزمور 104 ما يلي: "باركي يا نفسي الرب.. اللابس النور كثوب، الباسط السماوات.. المنبت عشباً للبهائم، وخضرة لخدمة الإنسان، فإخراج خبز من الأرض وخمر تفرح قلب الإنسان.. " (مزمور 104:1 و2 و14 و15). فداود هنا يسبّح الله وبشكره لأنه خلق كل شيء، ومن ضمنها وردت عبارة "خمر يفرّح قلب الإنسان"، وهذا جزء من القول المراد الاستفسار عنه.
أما القسم الثاني من القول المذكور آنفاً، فيعتقد أنه مقتبس من نصائح بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس بأن يتناول قليلاً من الخمر لأجل معدته وأسقامه الكثيرة، أي أن يستعمل الخمر كدواء. فقد مرد في قوله له: ".. استعمل خمراً قليلاً من أجل معدتك وأسقامك الكثيرة" (1تيموثاوس 5:23).
لقد أخذ جزء من الآية خارجاً عن قرينته وحوّر قليلاً فجاء: "قليل من الخمر.. بدلاً من استعمل خمراً قليلاً. أما القسم الثاني فقد اقتبس أيضاً خارج قرينته وهو "يفرّح قلب الإنسان" فجاءت آية مزوّرة ومحوّرة تُقال خطأ على لسان السيد المسيح "قليل من الخمر ..يفرح قلب الإنسان" مع العلم أن هذا القول ليس آية ولا قولاً للسيد المسيح، وليس موجوداً أصلاً في الكتاب المقدس، بل يستعمله البعض عن جهل أو عدم معرفة لتبرير غايتهم بشرب الخمر.
والخلاصة أن الدين المسيحي لا يحرم شرب الخمر تحريماً قاطعاً بمعنى أن مجرد شربه يعتبر خطية. ولكنه يحذّر من مضارّه إذا شُرب بكثرة، ومن الإدمان عليه أو السكر به، كما يحذّر الدين المسيحي من التعلق بشرب الخمر أو الشرب منه بكثرة لأن عواقبه وخيمة. كما أن الكتاب المقدس يحذّرنا من كل شيء يمكن أن يؤذي أجسادنا لأنها هياكل للروح القدس حسب قول الكتاب المقدس "أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكلٌ للروح القدس" (1كورنثوس 6:19).

+ هل في الدين المسيحي ما يحرّم بعض الأطعمة؟ وأيهما أفضل للإنسان، أن يأكل اللحوم أو يمتنع عنها أو عن بعضها، وهل لذلك علاقة بإيمانه بالله؟
- إن أكل اللحوم أو عدم أكلها، أو أكل الخضار أو الامتناع عنها، لا علاقة لها البتة في الدين المسيحي بالنسبة لإيمان الإنسان، ولا تؤثر على علاقة الإنسان بالله. فالإنسان يستطيع أن يأكل كل ما يريد وما تشتهيه نفسه، دون أن يؤثر ذلك على إيمانه. ويقول السيد المسيح بهذا الصدد: "ليس ما يدخل الفم ينجّس الإنسان بل ما يخرج من لفم هذا ينجّس الإنسان" (متى 15:11). ومعنى ذلك أن الأطعمة التي يأكلها الإنسان، لا تنجّسه وإنما ما يخرج من فمه من شتائم وكلام بطّال هذا ينجّسه. ويقول بولس الرسول بهذا الصدد أيضاً: "الطعام لا يقدمّمنا إلى الله، لأننا إن أكلنا لا نزيد، ولن لم نأكل لا ننقص" (1كورنثوس 8:8). ومن هنا نرى، أنه ليس للمأكولات علاقة بإيمان الإنسان أو بتقرّبه إلى الله. مع العلم أن بعض المؤمنين يمارسون فريضة الصوم. والامتناع عن بعض الأطعمة وذلك في بعض المناسبات وفي الأصوام التي تتبعها بعض الطوائف المسيحية والتي لها علاقة ببعض الأعياد الدينية أو في أيام خاصة خلال الأسبوع. وعندما يصوم الإنسان، أو يمتنع عن تناول بعض الأطعمة. سواء أكان ذلك نتيجة قرار شخصي يتخذه بنفسه أو اتّباعاً أو في مناسبات دينية، جميل به أن يدرك ما هو هدف الصيام أو الامتناع عن تناول بعض الأطعمة. وذلك لمجرد ترويض النفس والتقرّب إلى الله، والشعور مع الآخرين في وتذكير الإنسان بالله الذي يمنحه كل بركات الحياة. فالذي يقرّب الإنسان إلى الله هو العلاقة الشخصية الإيمانية بين الإنسان والله. وبحسب تعاليم الإنجيل المقدس، إن الطريقة التي يصبح فيها الإنسان مقبولاً لدى الله، هي الإيمان بيسوع المسيح المخلص حسب تعاليمه. وإن ثقة الإنسان بيسوع والإيمان به كمخلص لعالم الخطيئة والسير حسب تعاليمه، هي التي تجعل الإنسان صالحاً ومقبولاً لدى الله وليس مجرد الأكل والشرب.

+ ما معنى قول المسيح لتلاميذه بأنه من الصعب أن يدخل الغني إلى ملكوت السموات، هل يقصد أن الأغنياء لا يدخلون ملكوت الله؟
- إن هذا السؤال هام، لذلك فإنه من المناسب عرض الحوار الذي جرى بين المسيح وأحد الأغنياء قبل الإجابة على السؤال، لفهم الموضوع مع القرينة التي قال المسيح فيها إنه يعسر أن يدخل غنيّ إلى ملكوت الله؟
عندما كان المسيح يتكلّم عن البر والتقوى، تقدم إليه رجل غنيّ وقال له: "أيها المعلم الصالح، أي صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية؟" فقال له يسوع: إن أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا قال له: أية الوصايا؟ فقال لهم يسوع: لا تقتل، لا تزن، لا تسرق، لا تشهد بالزور، أكرم أباك وأمك وأحب قريبك كنفسك". قال له الشاب: هذه كلها حفظتها منذ حداثتي فماذا يعوزني بعد؟ قال له يسوع: "إن أردت أن تكون كاملاً فأذهب وبعْ أمكلاكك وأعطِ الفقراء فيكون لك كنز في السماء، وتعالى اتبعني". فلما سمع الشاب كلام يسوع. مضى جزيناً لأنه كان ذا أموال كثيرة. فقال يسوع لتلاميذه: الحق أقول لكم، إنه يعسر أن يدخل إني إلى ملكوت الله" (متى 19:23-24).
نلاحظ من هذه الكلمات أن الرجل المذكور في القصة أراد أن يتبع يسوع، وأحبّ أن يدخل ملكوت الله، ولكنه كان متعلقاً لدرجة كبيرة بأمواله التي كانت توفر له أسباب الراحة والرفاهية والمتعة، والكبرياء، والجاه والقوة وفي الوقت نفسه الابتعاد عن الله، أو بالأحرى نسيان الله. وقد عرف المسيح نقظة الضعف في ذلك الرجل الغني بأنه محب للمال، كما عرف أيضاً ما للمال من قوة غريبة لجذب القلوب إليه. لذلك كان المسيح كالطبيب الذي عرف الداء فوصف الدواء، فقال للرجل الغني: "اذهب وبعْ كل أملاكك وأعطِ الفقراء فيكون لك كنز في السماء، وتعالَ اتبعني". فعندما سمع الرجل الغني هذه الكلمات، مضى حزيناً لأنه كان ذا أموال كثيرة.

ما معنى قول المسيح: إن مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني ملكوت السموات؟
كان المسيح يعرف أن للمال قوة غريبة تجذب قلوب الناس إليه. والمعروف أن بعض الأغنياء لا يشعرون باحتياجهم الروحي نظراً لاكتفائهم بالغنى المادي. وأن تاريخ العالم يشهد بصحة مفاد قول المسيح، بأن الكثيرين من الإنياء لا يتّقون الله ولا يعيشون حسب إرادة الله، بل يتبعون شهواتهم وملاذهم فلا يدخلون ملكوت الله. لذلك قال المسيح يعسر أن يدخل غني إلى ملكوت الله، ولم يقل إنه من المستحيل أن يدخل إلى إلى ملكوت الله. فمن الناس الأغنياء من يتّقون الله ويصرفون أموالهم فس سبيل خدمته وفي أعمال البر والإحسان، ومساعدة إخوانهم في الإنسانية.
أما معنى قول المسيح بأن مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله. فهو كلام جارٍ مجرى المثل، يضرب للأمر المستحيل، وأيضاً للشيء النادر أو البعيد الوقوع. أو قد يكون استعمل مجازاً. وتشير بعض تفاسير الكتاب المقدس إلى أن ثقب الإبرة الذي أشار إليه المسيح. يشير إلى بوابة كبيرة في أورشليم، ويوجد ضمنها باب صغير يفتح عادة لدخول الناس منه عندما يقفل الباب الكبير. ومثل هذه الأبواب ما زال شائع الاستعمال حتى الآن في بعض المدن القديمة ولا سيما في المدن المحاطة بأسوار لها أبواب للدخول منها. فالبوابة الصغيرة الموجودة ضمن الباب الكبير تسمى ثقب الإبرة. والمعروف أن هذا الباب الصغير معدّ لدخول الناس فقط، ولا يستطيع الجمل أن يدخل منه إلا بصعوبة، أي بعد أن يفرغ حمله ويحشر نفسه حشراً. وإن بعض قواميس اللغة العربية تشير إلى أن كلمة "الجمل" تعني أيضاً "الحبل الغليظ". إذ يستحيل أن يدخل الحبل الغليظ في ثقب الإبرة الصغير. ولهذا أشار المسيح إلى أن دخول الغني المتّكل على ماله إلى السماء، يكون كدخول الجمل من ثقب الإبرة، أي من الباب الضيق ويقصد المسيح بذلك أنه يستحيل أن يدخل الغني المتكل على ماله وثروته فقط، إلى ملكوت السماوات، ذلك الملكوت الذي يدخله الإنسان بواسطة المسيح المخلص والإيمان بموته الفدائي على الصليب بدلاً من الخطاة. ولأن الخلاص نعمة إلهية يمنحها الله مجاناً للمؤمنين وهي لا تُشترى بالمال. وإن قول بطرس أحد تلاميذ المسيح يوضح قول المسيح بهذا الصدد: "ما أعسر دخول ذوي الأموال إلى ملكوت الله" (مرقس 10:23). وبكلمات أوضح، ليس الغني بحدّ ذاته خطية، ولكن اتكال الإنسان على المال وعبادته بدل الله هو الخطية. ويشير الإنجيل المقدس بهذا الصدد إلى ما يلي: "لا تكنزوا لكم كنوزاً على لاأرض حيث يفسد السوس والصدأ وحيث ينقب السارقون ويسرقون. بل اكنزوا لكم كنوزاً في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدأ وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون. لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضاً. لا يقدر أحد أن يخدم سيدين لأنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر. لا تقدرون أن تخدموا الله والمال" (متى 6:19-24).

+ ماذا قصد السميح عندما خاطب اليهود بقوله: "إن كان أحد يحفظ كلامي، فلن يرى الموت إلى الأبد" (يوحنا 8:51).
- هذا السؤال هام لما ينطوي عليه من معان روحية عميقة. ولكن قبل الإجابة عليه، لابد أن نرجع إلى القرينة التي وردت هذه الآية ضمنها، ليستنير القارئ الكريم بما نحن بصدده.
فالآية المراد الاستفسار عن معناها مدوّنة في الأصحاح الثامن من بشارة يوحنا ومفادها، أنه بينما كان المسيح يعلّم في الهيكل جاء إليه عدد غفير من اليهود، فبدأ يعلّمهم ويبشّرهم برسالة المحبة والمسامحة والغفران، وأعلن أنه المسيا المُرسل من الله، ليخلص الناس من خطاياهم. ولكن أولئك اليهود لم يصدّقوه، فاتهموه بالكذب حيناً، وأرادوا أن يجرّبوه أحياناً لكي يوقعوا به. ولكن المسيح القدوس المرسَل من الله، كان يقظاً لكل تلك المحاولات. وأخيراً خاطبهم بقوله: "من منكم يبكّتني على خطية؟ فإن كنت أقول الحق، فلماذا لستم تؤمنون بي؟ الذي من الله يسمع كلام الله، لذلك أنتم لستم تسمعون لأنكم لستم من الله" (يوحنا 8:46-47). وأخيراً خاطبهم المسيح بقوله: "الحق الحق أقول لكم، إن كان أحد يحفظ كلامي، فلن يرى الموت إلى الأبد" (يوحنا 8:51).
عندما نسمع هذه الكلمات التي نطق بها المسيح، قد يتبادر إلى أذهاننا حالاً أن المسيح قصد بقوله إن من يؤمن به فلن يموت، بل يبقى حياً خالداً في هذه الدنيا، ولكن الواقع، أن المسيح لم يقصد ذلك. فنحن كبشر نولد ونعيش، ولابد أن يجيء اليوم الذي نموت فيه جسدياً، وننتقل من هذا العالم إلى عالم آخر. فالمسيح لم يقصد الموت الجسدي بل الموت الروحي.
فكلنا نعلم أنه عندما يموت الإنسان يُدفن في التراب وينحلّ جسده، بينما روحه تبقى حية. وبحسب قول الكتاب المقدس، إنه إذا كان الإنسان شريراً بعيداً عن الله. فإنه يموت في الجسد وتذهب روحه إلى العذاب، أي إلى الموت الأبدي في جهنم، وإذا كان الإنسان باراً مؤمناً بالله، وبالمسيح كمخلص للعالم من الخطية، فإن جسده يموت ولكن روحه تبقى حية في حضرة الله في السماء إلى الأبد. وهذا هو المقصود هنا بقول المسيح بأن من يؤمن به وبكلامه، فإنه لن يرى الموت إلى الأبد. أي يبقى حياً في الأمجاد السماوية، وقد فسر المسيح ذلك بقوله: "أنا هو القيامة والحياة، من آمن بي ولو مات فسيحيا" (يوحنا 11:25) أي من آمن بالمسيح بأنه جاء ليخلص العالم من الخطية وليموت فداء عنه على خشبة الصليب، فسيبقى حياً بالروح ولو مات جسدياً وقد قال يسوع عن نفسه: "أنا الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي" (يوحنا 14:6). وعلى هذا الأساس علينا ألا ننظر إلى الموت الجسدي بأنه نهاية المطاف، لأن المؤمن يرقد على رجاء القيامة بالمسيح الإله الحي المقام من الأموات. وعلى هذا الأساس ترتّم بعض الطوائف المسيحية الألحان الكنسية الخاصة بالقيامة ومنها: "المسيح قام من بين الأموا، ووطيء الموت بالموت. ووهب الحياة للذين في القبور".

+ ما هي أعظم وصية أوصى بها الله ولماذا؟
_ قبل التكلم عن الوصية الكبرى والعظمى، لابد من الإشارة إلى وصايا الله المعروفة والتي يُطلق عليها سام الوصايا العشر. والمعروف أن الوصايا الشعر التي أنزلها الله على موسى النبي في جبل سيناء، مكتوبة على لوحين من الحجر عُرفا بلوحي الشريعة.

ما هو مضمون هذه الوصايا؟
إن مضمون الوصايا الشعر المعروفة هو ما يلي:
1 - أنا الرب إلهك.. لا يكن لك آلهة أخرى أمامي. لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً ولا صورة ما مما في السماء من فوق وما في الأرض من تحت، وما في الماء من تحت الأرض. لا ستجد لهن ولا تعبدهن لأني أنا الرب إلهك.
2 - لا تنطق باسم الرب إلهك باطلاً.
3 - اذكر يوم السبت (الرب) لتقدسه.
4 - اكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك على الأرض.
5 - لا تقتل.
6 - لاتزن.
7 - لا تسرق.
8 - لا تشهد على قريبك شهادة زور.
9 - لا تشته بيت قريبك.
10 - لا تشته امرأة قريبك ولا عبده ولا أمته ولا ثوره ولا حماره ولا شيئاً مما لقريبك
(خروج 20:2-7).
ملحوظة: إن الله أعطانا هذه الوصايا دون ترقيم، لذلك نلاحظ أن بعض الكنائس تختلف في ترقيمها وترتيبها حسب التسلسل.

آية وصية هي العظمى؟
في الواقع إن الوصية العظمى ليست موجودة بين الوصايا العشر. وإنما هي تحوي ملخص أو فحوى الوصايا العشر كلها. وقد وردت الوصية العظمى على لسان السيد المسيح عندما اقترب إليه أحد اليهود المتعصبين وأراد أن يحرجه أمام الجمهور فسأله: "يا معلم، أية وصية هي العظمى في الناموس؟ فقال له يسوع: تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك ومن كل فكرك. هذه الوصية الأولى والعظمى، والثانية مثلها، تحب قريبك كنفسك. بهاتين الوصتين يتعلق الناموس كله والأنبياء" (متى 22:36-40). وقد لخّص السيد المسيح هاتين الوصيتين في وصية واحدة وهي: "تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل قدرتك، ومن كل فكرك، وقريبك كنفسك" (لوقا 10:27).
أما لماذا تعتبر هذه الوصية من أعظم الوصايا، فلأنها ترتكز على محبة الإنسان لله، ومحبة الإنسان لأخيه الإنسان. إذ كل من يحب الله، يحب أن يحبّ إخوانه في الإنسانية أيضاً. لأن محبة الإنسان لله تُترجم بمحبته لإخوانه بني البشر، وبدون محبتنا بعضنا لبعض كما أوصانا الله، تكون محبتنا ناقصة وإيماننا غير كامل. ويؤكد الكتاب المقدس ذلك بقوله "أيها الأحباء لنحب بعضنا بعضاً لأن المحبة هي من الله وكل من يحبّ فقد وُلد من الله ويعرف الله. ومن لا يحب لم يعرف الله لأن الله محبة" (1يوحنا 4:7). وأيضاً قول الكتاب: "إن قال أحد إني أحب الله وأبغض أخاه فهو كاذب. لأن من لا يحب أخاه الذي أبصره كيف يقدر أن يحب الله الذي لم يبصره" (1يوحنا 4:20).

+ هل عمل السحر مجاز في الديانة المسيحية؟ وما هي نظر الديانة المسيحية إلى السحر والسحرة الذي يقومون بالأعمال السحرية؟
- إن عمل السحر على أنواع عديدة، منها عمل أشياء خارقة للطبيعة، وفوق طاقة عقل الإنسان البشري، ومنها مناجاة الأموات، واستحضار الأرواح، وكشف البخت، ومحاولة معرفة المستقبل وغيرها. فالسحر إذاً وإن اختلف في طرقه أو وسائل استخدامه هو سحر، أي هو عمل خارق للطبيعة وفوق طاقة عقل الإنسان البشري أو فوق استيعابه.
وبالرجوع إلى الكتاب المقدس نلاحظ أن السحر محرّم في الديانة المسيحية تحريماً قاطعاً على اختلاف أنواعه، وذلك لأننا بواسطة عمل السحر ندنّس اسم الله، ونستعين بالشيطان للقيام بالأعمال التي ينهانا الله عنها في كتابه المقدس الذي يقول: "لا تتعلم أن تفعل مثل رجس أولئك الأمم. لا يوجد فيك من يجيز ابنه أو ابنته في النار، ولا من يعرف عرّافة ولا عائف ولا متفائل ولا ساحر، ولا من يرقي رقية، ولا من يسأل جاناً أو تابعة، ولا من يستشير الموتى، لأن كل من يفعل ذلك مكروه عند الرب.." (تثنية 18:9-12). ويقول الله أيضاً: "لا تلتفتوا إلى الجان ولا تطلبوا التوابع (أي السحرة)، فتتنجّسوا بهم، أنا الرب إلهكم" (لاويين 19:31).
وهناك أيضاً بعض المراجع من العهد الجديد أيضاً، تحرّم السحر تحريماً قاطعاً، وتهدّد كل من يستعمله بعذاب أبدي. فنقرأ في سفر يوحنا اللاهوتي: "وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون، والزناة والسحرة، وعبدة الأوثان، وجميع الكذبة، فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت، الذي هو الموت الثاني" (رؤيا 21:8). وأيضاً يقول الله: "طوبى للذين يصنعون وصاياه، لكي يكون سلطانهم على شجرة الحياة، ويدخلوا من الأبواب إلى المدينة، لأن خارجاً الكلاب والسحرة والزناة والقتلة وعبدة الأوثان" (رؤيا 22:14-15).
كما أن بولس الرسول يحذّرنا من السحر ويقول بأن كل من يتعاطى السحر فإنه لا يدخل إلى ملكوت الله (غلاطية 5:20). وهكذا نرى أن الديانة المسيحية لا تجيز السحر وتوابعه مطلقاً.

+ أين تقع جنة عدن التي خلق الله فيها آدم وحواء، بالنسبة للجغرافية الحديثة؟
- في الواقع، لا توجد أدلة ثابتة تشير بوضوح إلى مكان "جنة عدن" بالنسبة للجغرافية الحديثة، لذلك تعددت الآراء حول هذا الموضوع. وما يدعو إلى الدهشة، إن سكان بلدان مختلفة يدّعون أن بلدهم هو جنة عدن وأن الله خلق آدم وحواء في بلدهم، ربما لاعتقادهم أن بلدهم هو أحمل مكان في الدنيا في نظرهم. فعلى سبيل المثال، يدّعي بعض الأفارقة (سكان أفريقيا) أن مكان جنة عدن هو في أفريقيا، في منطقة قريبة من خط الاستواء بين كينيا وتانزانيا، ويدّعي الأثيوبيون أنها في بلاد الحبشة، والعدنيون أنها في عدن، في جنوب الجزيرة العربية، والهنود الحمر أنها في أمريكا الشمالية قرب جبال كولورادوا المرتفعة جداً والقريبة من السماء، على حدّ زعمهم، والبنانيون أنها في لبنان، وبالتحديد في بلدة إهدن، التي تطوّر اسمها من عدن إلى إهدان، والعراقيون في العراق، الخ. وأمام هذه الادّعاءات تصعب البراهين القاطعة، إذ أن الادعاءات هي مجرد تكهنات لا ترتكز إلى الواقع. والجدير بالذكر أن كلمة "عَدْن"، هي كلمة عبرية معانها بهجة، فجنة عدن هي "جنة البهجة" أو "جنة السرور".
إن قصدة خلق آدم وحواء في جنة عدن مذكورة في الكتا ب المقدس، فهل أن هناك أدلة تشير إلى مكانها الحقيقي؟
إن ما يذكره الكتاب المقدس عن جنة عدن قليل جداً، ولا يحدد الوقع الجغرافي بالنسبة للجغرافية الحديثة، وإنما هناك وصف جزئي لها، يمكن أن يعطينا إلى حدٍّ ما فكرة تقريبية عن موقع ذلك المكان، وهذا طبعاً يدحض بعض الادعاءات التي لا أساس لها من الصحة.
يقول الكتاب المقدس عن مكان جنة عدن في قصة الخليقة الواردة في سفر التكوين من الكتاب المقدس ما يلي: "وجبل الرب الإله آدم تراباً من الأرض ونفخ في أنفه نسمة حياة، فصار آدم نفساً حية. وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقاً، ووضع هناك آدم الذي جبله، وأنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل، وشجرة الحياة في وسط الجنة، وشجرة معرفة الخير والشر. وكان نهر يخرج من عدن ليسقي الجنة، ومن هناك ينقسم، فيصير أربعة رؤوس، اسم الواحد فيشون، وهو المحيط بجميع أرض الحويلة حيث الذهب، وذهب تلك الأرض جيد، هناك المقل وحجر الجزع، واسم النهر الثاني جيحون، هو المحيط بجميع أرض كوش. واسم النهر الثالث حداقل وهو الجاري شرقي أشور. والنهر الرابع الفراتز وأخذ الرب الإله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها" (تكوين 2:7-16).
بعد قراءة هذه الأعداد من قصة الخليقة الواردة في الكتاب المقدس، يتضح لنا على الأقل الموقع التقريبي لمكان جنة عدن، وذلك من أسماء الأنهار والبلدان التي وردت في القراءة. وعلى هذا الأساس نستطيع القول إن الأساطير التي تشير إلى مكان جنة عدن لا تمتّ إلى الواقع بصلة، فهو ليس في أمريكا الشمالية، ولا في أفريقيا، وإنما في آسيا، وبالتحديد في منطقة الشرق الأوسط بالنسبة للجغرافية الحديثة.
وكيف نعرف ذلك؟
نستطيع أن نعرف موقف جنة عدن التقريبي من أسماء الأنهار المذكورة في الكتاب المقدس، وأسماء بعض البلدان التي وردت في الآيات السابقة.
الأنهار والمواقع
لقد وردت أسماء الأنهار ومواقع بعضها. أولاً نهر فيشون، وهو المحيط بجميع أرض الحويلة، والثاني جيحون، وهو المحيط لجميع أرض كوش. واسم النهر الثالث حداقل وهو الجاري شرقي أشور، والنهر الرابع الفرات. وبعض هذه الأنهار والمناطق معروف واالبعض الآخر غير معروف، لذلك لنبدأ بتحديد الأسماء. إن نهري فيشون وجيحون غير معروفين حديثاً ويُعتقد أنهما من الأنهار المنقرضة، أما نهرا حداقل والفرات فيُعتقد أنهما نهرا دجلة والفرات المعروفان حتى اليوم.

+ هل يمكننا معرفة المواقع المذكورة التي تحيط بها الأنهر الموجودة في جنة عدن؟
أولاً : إن نهر فيشون يحيط بأرض الحويلة، والحويلة مكان في وسط البلاد العربية، ويرجح البعض أن القسم الغربي من بلاد العرب شمالي اليمن.
ثانياً: نهر جيحون بأرض كوش، وأن اسم "كوش" يُطلق على بكر حام بن نوح، وهذا الإسم يُطلق أيضاً على سلالة كوش التي تؤلف شعوباً متعددة سكنت في أواسط وجنوب البلاد العربية، وبعض الشواطيء الأفريقية المجاورة. ويُشار في أكثر الأحيان إلى أن أرض كوش هي بلاد الحبشة. ولكن يُقال إنه من المستبعد أن تكون جنة عدن في بلاد الحبشة، لأن أرض كوش المذكورة في قصة الخليقة كان يسقيها نهر الفرات، الموجود في بلاد ما بين النهرين.
ثالثاً: نهر حداقل شرقي أشور. والمعروف أن بلاد أشور سميّت كذلك نسبة إلى سلالة سام، الابن الثاني لنوح، وه يتشير إلى بلاد ما بين النهرين والمنطقة المحيطة بها.
وهل أسماء البلدان والأنهر المحيطة بما يمكن أن تعطينا فكرة لمعرفة الموقع الجغرافي التقريبي لمكان جنة عدن التي خلق الله فيها آدم وحواء. فما هو رأي الجغرافيين وعلماء اللاهوت في بهذا الموضوع؟
بالرجوع إلى قاموس الكتاب المقدس، نلاحظ أن موقع جنة عدن غير معروف تماماً، وهذا رأي معظم الجغرافيين وعلماء اللاهوت. ولكن بعضهم يعتبر أن بلاد أرمينيا هي مكان جنة عدن، لأن نهري الدجلة والفرات ينبعان منها. وهناك من يعتقد أن نهر عدن، الوارد ذكره في الكتاب المقدس والذي تفرّع إلى اربعة رؤوس، ما هو إلا نهر الفرات، ودجلة الذي يصبّ في شط العرب في الخليج العربي منقسماً على نفسه إلى عدة فروع. فجنة عدن بحسب بأي بعض الجغرافيين واللاهوتيين، هي القسم الجنوبي من العراق حيث الخصب.

وهل هذا هو الرأي الذي يؤخد به؟
يُعتقد أنه أقرب الآراء إلى الصواب، لأن فيه الصفات التي وردت في الكتاب المقدس عن عدن، بأنها شرقي فلسطين، فيها دجلة والفرات وأرض كوش التي يقربها. وهي أرض عيلام المعروفة قديماً باسم كاشوا، وأن سهل بابل كان معروفاً قديماً باسم عدنو. وكما ذكر سابقاً أن موقع الحويلة هو جزء من جزيرة العرب الذي يجاور العراق إلى الجنوب الغربي منه.
فالشرح الوارد أنفاً لايعطينا ادلة قاطعة عن مكان وجود جنة عدن، وإنما هناك آراء وتكهّنات حيث يُعتقد بأن أقرب المواقع إلى الحقيقة هي بلاد ما بين النهرين. وبهذا الصدد نقول، جميل أن يعرف الإنسان مكان جنة عدن الذي خلق الله فيه أبوينا الأولين آدم وحواء، إذا تمكذنا من ذلك. ولكن الأجمل هو أن نتأمل والأهم هو أن نتأمل في محبة الله الذي خلق الإنسان على صورته ومثاله، ووضعه في الجنة، ومنحه جميع خيرات الأرض، لينعم بها لأنه يحبه. ولكن بعد أن سقط آدم الأول في الخطية عندما عصى أوامر الله وطرده الله من الجنة، وعده بإرسال مخلص هو آدم الثاني، أي المسيح، الذي جاء ليخلص الإنسان من الخطية، ويقوده إلى الخلاص والحياة الأبد



تعليقات
There is no comments yet

 شارك بتعليق 

أضف تعليق
.الرجاء كتابة تعليقك هنا ببشكل واضح وسليم، تعليقك سوف ينشر مباشرة
أي تعلقات يوجد بها سب وقذف سوف تحذف فوراً